لماذا يصلي المسلمون خمس مرات في اليوم؟ – عمران حسين
مقالات – فهم الإسلام
الأربعاء 1 شعبان 1428
الأربعاء 15 أغسطس 2007
ورد خبر في جريدة (ترينيداد جارديان) في يوم 8/5/2004 يفيد بأن رئيس وزراء جزيرة (ساينت فينسينت) الكاريبية، وهو شخص كاثوليكي، قد حضر للإقامة في دير (ماونت ساينت بيندكت) في ترينيداد بغرض إمضاء فترة من النقاهة والاستجمام الروحي، يقوم خلالها بالانضمام إلى الرهبان في ” تأدية الصلاة خمس مرات في اليوم.”
هنالك العديد من الأشخاص في منطقة البحر الكاريبي ممن اختاروا أن يصبحوا مسلمين، عبر الشهادة بأنه لا إله إلا الله وبأن محمداً عبده ورسوله. وعندما يدخلون في الإسلام بنطقهم للشهادتين فإن أول ما يتم تعليمه لهم قبل أي شيء آخر هو الصلاة “خمس مرات في اليوم”.
ما هو أصل “المرات الخمس” للصلوات اليومية؟ نحن نشعر أنه بكل تأكيد سيكون هناك أسباب عديدة بعيدة عن رئيس الوزراء والرهبان في الدير، وهم سيجدون هذا الموضوع مثيرا ً للاهتمام بشكل دائم وآسر.
لقد كان الرسول الكريم محمد –عليه الصلاة والسلام- في الأربعين من عمره عندما ظهر له الملك جبريل ليبلغه بأنه رسول الرب الواحد الأحد.
قبل ذلك الحدث لم يكن النبي مُـدركا ً لمكانته بعد ومع ذلك فلم يسبق له أن عبد أصنام الجزيرة العربية أبداً. وكان هناك فئة أخرى من الناس عُرفوا بالأحناف رفضوا كذلك عبادة الأصنام وكانوا يعبدون ربّـاً واحداً، ويقومون بتأدية الحج كل عام إلى بيته الحرام الذي بناه إبراهيم -عليه السلام- كما قاموا بتقديم الحيوانات (المواشي) كأضاحٍ كل عام إحياءً لذكرى الامتحان الصعب الذي مر به إبراهيم للتضحية بابنه الوحيد في حينها، إسماعيل عليهما السلام.بعد مرور بعض الوقت على الزيارة الأولى، جاء الملك جبريل عليه السلام في أحد الأيام ليعلم النبي كيف يؤدي الوضوء قبل الصلاة، أي غسل اليدين والفم وفتحتي الأنف والوجه كاملاً، ثم غسل الذراعين حتى المرفقين، وبعدها تمرير اليدين الرطبتين بالماء على الرأس مع الاذنين ، وأخيراً غسل القدمين.
ولقد علمه الملك جبريل كذلك كيف يقف حافي القدمين للصلاة، ليركع ويسجد أمام الرّب المولى القدير. وبعد حوالي الأحد عشر عاما ً تم استدعاء النبي واصطحابه في رحلة سماوية مُـعجزة وخارقة لقوانين الطبيعة، في رحلة في الليل من مكة إلى القدس ومن ثم إلى السموات العُلى إلى الحضرة الإلهية الاستثنائية، وتلقى الأمر بالتزام “الصلوات الخمس اليومية” مباشر من الرب المولى القدير نفسه. وعاد ليعلن لكل أولئك المؤمنين بالله سبحانه وتعالى بأن تشريع الصلوات الخمس هو المركبة التي عبرها سيستطيعون هم كذلك الارتحال نحو الحضرة الإلهية.
بعد ذلك جاءالملك جبريل للرسول -عليه السلام- في أحد الأيام وقام بإمامة الصلوات الخمس، مرة في الصباح الباكر (بعد الفجر ولكن قبل طلوع الشمس)، و مرة في وقت مبكر من الظهيرة (بعد بلوغ الشمس ذروتها وقبل حلول منتصف النهار)، ومرة في وقت متأخر من الظهيرة (ولكن قبل بدء توارى الشمس)، ومرة عند غروب الشمس، وأخيراً في الساعات الباكرة من الليل (بعد اختفاء شفق الغروب).
(الصلوات الخمس: الفجر، الظهر، العصر، المغرب، العشاء)
في كل مهلة زمنية من السابق ذكرهم قام الملك جبريل بإمامة الرسول في الصلاة في أبكر وقت ممكن من كل فترة، ثم عاد في اليوم التالي، ومرة أخرى قام بإمامة الصلاة ولكن هذه المرة اختار آخر وقت ممكن من ضمن المهلة المحددة لتأدية كل صلاة. ثم أبلغه بأن تلك الصلوات هي الصلوات الخمس اليومية الإلزامية (المفروضة)، وبأن كل صلاة يجب أن تؤدى خلال الإطار الزمني الذي تم توضيحه. بالإضافة لهذه الصلوات يوجد بالطبع صلوات تطوعية أخرى (النوافل) من الممكن تأديتها في أي وقت، ولكن أفضل وقت لها على الإطلاق هو في الساعات الباكرة من الصباح قبل الفجر (وقت الـسَّـحـَـر).
بما أنه لا يوجد سوى رب واحد للعالمين، وبالتالي فلا يوجد إلا حقيقة واحدة، ودين واحد على حق (وهو دين إبراهيم عليه السلام، وأعتقد أن الاسم المنتشر في الكاريبي “براهما” جاء من اسم إبراهيم)، فإن المعنى الضمني لهذا الكلام هو أن أي شخص يعبد الرب الواحد الحق، يجب عليه أن يقوم بأداء هذه الصلوات الخمس الإلزامية (المفروضة) كل يوم، أي أن أي شخص لا يقوم بتأدية الصلوات الخمس اليومية قد ينتهي به الحال بأن يحيا حياة وثنية جاهلية، وذلك لأن الصلوات الخمس المفروضة يومياً تـُـمثّل الأساس الحقيقي لنهج الحياة الديني.
عندما يعود المسيح عيسى -عليه السلام- فسوف يقوم هو كذلك بالصلاة لله سبحانه وتعالى خمس مرات في اليوم بنفس الطريقة التي قام الملك جبريل بتعليمها للرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم- وبنفس الطريقة التي يؤدي بها المسلمون صلاتهم حتى يومنا هذا (دون الحاجة إلى وجود الكراسي،والمصاطب، والكراسي الخشبية الطويلة، وغيره من الأثاث المـُـستلزم في دور العبادة غير الإسلامية)، حيث يقف المسلمون حفاة الأقدام أمام الله سبحانه وتعالى، ثم يركعون، فيعتدلون، ثم يسجدون موجهين وجوههم نحو الأرض المقدسة، إنهم يفعلون ذلك خمس مرات يومياً،وسوف يستمرون في فعل ذلك، إن شاء الله، مُـتحدّين بذلك النظام العالمي الـمُـنكِر لوجود الرب القدير، ذلك النظام الذي يشن الحرب ضدهم، وهم غير مبالين بالثمن الذي سيدفعونه مقابل ذلك التحدي. إنهم يقومون بذلك بإيمان راسخ مطلق بأن الحق سوف يظفر بالنصر في النهاية على أعدائه الخبثاء المنكرين لوجود الرب القدير.
هم كذلك يتلون سورة الفاتحة (وهي أول سورة في القرآن الكريم) في كل صلاة. وبقراءة هذه السورة فإنهم يسألون الله تعالى أن يهديهم الصراط المستقيم (الطريق القويم في الحياة)، طريق الذين أنعم الله عليهم وليس الذين باؤوا بغضب الله ولا الذين ضلوا.
” اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين” سورة الفاتحة، الآيتان 6،7
من المفروض أن يكون واضحاً لقرائنا بأن أولئك الذين يقومون بشن حروب غير عادلة على الإسلام في العراق وأفغانستان والأرض المقدسة، وأماكن أخرى، قد باؤوا بغضب الله تعالى بلا شك (قد غضب الله عليهم). وأن أولئك الضالين من مسلمين وغير مسلمين ممن يدعمون أولئك الظالمين، بالتزامن مع قيامهم بالتضرع على مذبح تأشيرة السفر الأمريكية (الفيزا)، أو لأي سبب أحمق آخر، هم بالتأكيد قد ضلوا طريق الحق.