يأجوج ومأجوج والقدس \ عمران حسين
مقالات – علامات اليوم الآخر
الأحد 22 ربيع الأول 1426
الأحد 1 أيار 2005
في السورة رقم 18 من القرآن الكريم (سورة الكهف)، وكذلك في الأحاديث النبوية، تم وصف يأجوج ومأجوج على أنهم شعب خلقهم الله تعالى ومنحهم قوة هائلة لدرجة أنه لا أحد غير الله تعالى يقدر عليهم، كما ذكر في الحديث القدسي:”.. إني أخرجت خلقاً من خلقي لا يطيقهم أحد غيري ..”.
وهكذا فلقد كان من المهم أن يتم حبسهم خلف حاجز حديدي، لأنهم استخدموا قوتهم في غايات شريرة ولارتكاب الفساد ( الأفعال الخبيثة والظلم).
ولقد أشار القرآن الكريم إلى أنه من عاداتهم أن يستخدموا القوة والسلطة لشن الحرب على أولئك الأشخاص الذين يعيشون حياة الإيمان والصلاح، وأن يتعاملوا بحقد وضغينة مع أولئك الذين يعيشون حياة بدائية بسيطة، أو مع من يقاسون شظف العيش لتوفير احتياجات الحياة الأساسية فقط (كما هو وضع هاييتي) وهكذا تبرز لنا صورة لأُناس يحملون قلوب كقلوب الوحوش المفترسة.
لقد أشار القرآن الكريم إلى أنه عندما يحين آخر الزمان فإن الله تعالى سوف يهدم ذلك السد الذي يحتجز يأجوج ومأجوج، ” .. فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقاً” سورة الكهف، وبذلك سوف يتم إطلاق يأجوج ومأجوج إلى العالم (وهم من العلامات الكبرى لآخر الزمان)، وسوف ينتشرون في العالم من جميع الاتجاهات ” ..من كل حدب ينسلون ..” سورة الأنبياء، في إشارة إلى أنهم بقوتهم التي لا تـُـقهر سوف يُـحكمون سيطرتهم على العالم أجمع، وللمرة الأولى في التاريخ سوف يحكم شعب واحد فوق البشرية جمعاء.ولكن وبما أن ذلك النظام العالمي سيشهد ارتكاب الظلم، وحرباً على الدين، فإنه سوف يكون على خلاف تام مع النظام السماوي في الأعلى. ولا يمكن لأي شخص مؤمن أن يشعر بالراحة والأُلفة مع المجتمع الذي يتبع الاتجاه الرئيسي السائد في عالم كهذا.
يعود القرآن الكريم مرة أخرى للحديث عن يأجوج ومأجوج في السورة رقم21 سورة الأنبياء، في أثناء الإتيان على ذكر القرية التي دمرها الله تعالى، والحديث عن أهلها الذين طـُردوا منها ومُـنعوا من العودة والمطالبة بها إلى أن يحدث إطلاق يأجوج ومأجوج وانتشارهم في جميع الاتجاهات.
” وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ * حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ”، سورة الأنبياء الآيتان 95 ،96.
إنّ من أنار الله تعالى بصيرتهم بـ “النور” القادم منه تعالى سوف يتمكنون من إدراك كلا الأمرين: موضوع القرية، والنظام العالمي ليأجوج ومأجوج، فذلك النور يمنحهم القدرة على إدراك الحقيقة الجوهرية الداخلية للأشياء.
القرية هي القدس! وقد دمر الله تعالى تلك القرية وطرد اليهود منها، وحرم عليهم وقتها العودة إليها والمطالبة باستردادها بصفتها ملكاً لهم.
لقد عادوا اليوم، وطالبوا بها على أساس أنها تعود لهم! ولكنهم فعلوا ذلك أثناء ركوبهم لظهور أشخاص منكرين لوجود الله تعالى في داخلهم، ويملكون من القوة ما هو كافٍ لفرض سيطرتهم الكاملة على العالم، وهم يستخدمون تلك القوة والسلطة بلا رحمة في ظلم البشرية ولشن حرب على الإسلام عامة ً وعلى العرب على وجه الخصوص.
منذ عصر العالم المسيحي في القرون الوسطى وحتى عصر الحضارة الغربية العلمانية المعاصرة، أظهرت أوروبا بشكل تدريجي سمات النظام العالمي الخاص بيأجوج ومأجوج، كما قامت كذلك بإنجاز مهمتها الأساسية. الأوروبيون في أوروبا، وشمال أمريكا، والأرض المقدسة، يسيطرون اليوم على العالم أجمع ويستخدمون السلطة والقوة لارتكاب الظلم والفساد.
لقد حرروا الأرض المقدسة، وأعادوا اليهود إليها حتى يطالبوا بها على أنها تعود لهم. وأنشؤوا دولة إسرائيل-الأوروبية المنكرة لوجود الخالق واللادينية، وقاموا بتقديمها لليهود غير الأوروبيين على أنها إسرائيل دولة النبي داوود المقدسة.
إن ذلك يُـعتبر دلالة على عمى البصيرة التام لليهود غير الأوروبيين لأنهم قد سمحوا لأنفسهم بالوقوع في الخديعة والانزلاق في الطريق الذي سوف يؤدي بهم إلى دمارهم النهائي على يد مأجوج ومأجوج.
لقد زودنا الرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم- بمعلومات إضافية عن يأجوج ومأجوج، على سبيل المثال أخبرنا بأنه لا يهلك الواحد منهم دون أن يترك وراءه ألفاً آخرين (وذلك بتقليد وتبعية الاخرين من الاجناس الاخرى لهم).
وهكذا فإننا الآن نستطيع أن نفهم حقيقة العولمة المعاصرة التي تقوم بجر البشرية نحو أكبر وأفظع عبودية على الإطلاق.