شرح الأجندة الإمبريالية الغامضة لإسرائيل

شرح الأجندة الإمبريالية الغامضة لإسرائيل

يمكن الحصول على المقال على شكل ملف في الرابط التالي

http://www.mediafire.com/view/?wr4inlvqa3z05z9

عمران حسين

مقالات- الإسلام والسياسة

الأربعاء 10 رجب 1428

الأربعاء 25 تموز 2007

عندما صرح هاري بيلافونتي (الناشط الاجتماعي والفنان الأمريكي) بأن جورج بوش الابن هو “أكبر إرهابي في العالم”، كان من الواضح أن بيلافونتي  وعلى الرغم من أنه لم يدرس الموضوع بشكل كافٍ – فتلك الصفة رديئة الصيت تعود لإسرائيل وليس بوش-  قد أظهر بالتأكيد فهماً أكبرللموضوع،  وشجاعة أكثر من معظم السياسيين والقادة اليوم.

ولكن يوجد لإسرائيل علامة فارقة فريدة من نوعها، تتوارى باستمرار عن أنظار الكتاب و العلماء ورجال السياسة: إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي قامت ومازالت تقوم بشكل مستمر بشن حرب غير عادلة وفي تلك الأثناء تتجاهل وتزدري رأي “الجنتايل” (أي الشخص الغير يهودي) حتى أنها تقوم بالتصعيد لإشعال الحرب بينما تجعل بقية العالم مغلوباً على أمره وعاجزاً عن فعل أي شيء ملموس لوقفها.

بقية العالم بالتأكيد عدا الإسلام!

إن الرد العسكري الإسرائيلي الوحشي المتعمد وغير المتكافئ  الذي قامت به إسرائيل رداً على قيام المقاومة الإسلامية السنية في قطاع غزة بأسر أحد جنود العدو ، وكذلك رداً على قيام المقاومة الإسلامية الشيعية في جنوب لبنان بأسر اثنين من جنود العدو، لم يثبت فقط أن إسرائيل ارتكبت جريمة حرب أخرى فحسب بل أنه فوق ذلك أوقع اسرائيل في شر أعمالها حتى تنال جزاءها الذي تستحقه في نهاية المطاف لقيامها بتلك الجرائم، بعقوبة تتناسب مع فداحة جرائم الحرب التي ارتكبتها.

 

لم يحدث أبداً أن قام الأنبياء داوود وسليمان عليهما السلام بشن أية حروب بالطريقة التي تقوم فيها إسرائيل بشن حروبها، باتباعها لدستور أخلاق للحرب يشرع القصف العشوائي لتدمير التجمعات السكنية للمدنيين بالكامل وقتلهم  رجالاً ونساءً وأطفالاً، في منازلهم وقراهم ودور عبادتهم، وتشرع تفجير الملاجئ (قتل 60 شخصاً في قصف ملجأ قانا في لبنان كان من بينهم 37 طفلاً)، بالإضافة إلى تدمير المطارات المدنية والطرق والجسور ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، ومحطات المياه وإلى أخره من المنشآت، ويشرع تشريد ما يقارب نصف التعداد السكاني لبلد ما وتحويلهم إلى لاجئين يفرون بحياتهم.

 

ليس أمام الواحد منا إلا أن يطرح التساؤل: لماذا لم يقـُـم اليهود العبرانيون الذين عاشوا في سلام مع المسلمين في العالم الإسلامي لأكثر من ألف سنة قبيل ولادة الدولة اليهودية –الأوروبية بالتساؤل فيما إذا كان قادة إسرائيل من يهود أوروبيين هم فعلا ً يهود أم أنهم عبارة عن همج أوروبا تنكرواعلى هيئة يهود؟

بنت جبيل، ابن جبيل وعقوبة إسرائيل النهائية.

يجب على العالم الآن أن يعلم أن الرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم- قد تنبأ بأن عقوبة إسرائيل النهائية  والعادلة سوف تكون على يد جيش مسلم.

لقد سبق وأن ذاقت إسرائيل القليل من طعم تلك العقوبة ، فقد وصف كاتب المقالات رفيق شاه في جريدة “دايلي إكسربس” البريطانية ماحدث عندما حاولت إسرائيل أن تقوم باعتداء بري على بنت جبيل القرية الكائنة في الجنوب اللبناني، ورفيق شاه بدوره سبق له وأن تلقى التدريب العسكري الاستراتيجي، يقول في عموده الصحفي المنشور في الدايلي اكسبرس “Daily Express“:

” بعد أن قاموا بقصف العدو لأيام ظنوا أنه لم يتبقى أمامهم سوى مواجهة الأنقاض، ولكن بدلاً من ذلك وقعوا في الكمين تلو الآخر راضخين لسيطرة رجال أنضجتهم حروب الصحراء. خلال ساعات كان 11 جندياً إسرائيليا ً مطروحين أرضا ً أمواتا ً بالإضافة للعشرات من الجنود المصابين إصابات بالغة. كان الجنود يبكون بلوعة بينما كان جنود حزب الله يرمونهم بالمزيد من الرصاص. أمضى الإسرائيليون ساعات عدة في سحب وتخليص جنودهم ولم يتم ذلك إلا باستخدامهم لخيرة مدرعاتهم كسيارات إسعاف. كتب مراسلوا الأخبار على الجانب الإسرائيلي من الحدود عن قادة عسكريين وجنود إسرائليين ينتحبون بينما كانوا في حالة من الذهول بعد أن ذاقوا طعم معركة حقيقية، يجرجرون أنفسهم في طريق عودتهم لبر الأمان كجيش مهزوم أشعث يغمره تراب الهزيمة”

بنت جبيل في اللغة العربية تعني إبنة جبيل، بينما يكون ابن أو بن جبيل هو ابنه الذكر. يجب على إسرائيل الآن أن تتوقف وتفكر مليا ً : إذا كانت بنت جبيل قد قاتلتهم هكذا فكيف سيقاتلهم ابن جبيل؟

إن عقوبة إسرائيل النهائية كما تنبأ بها الرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم- بكلمات محفورة في قلوب ملايين المسلمين حول العالم، سوف تكون فقط عند عودة المسيح عليه السلام. لقد أبلغنا النبي عليه السلام بأن المسلمين سوف يقاتلون اليهود وأنهم سوف يقتلونهم و ينتصروا عليهم لدرجة تجعل الحجر ينطق، كما في الحديث النبوي في مسلم وبخاري:” لتقاتلـُنّ اليهود فـَلـَـتــَقـتـلوهم حتى يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي تعال فاقتـُـلـهُ”

تلك النبوءة تكفينا اليوم للتمييز بين المسلم الحقيقي والمسلم الزائف. إن المسلم المخلص لا يشعر بالخوف من إعلانه أن الجهاد (الحرب العادلة) لتحرير الأرض المقدسة من ظلم واضطهاد إسرائيل قد بدأ بالفعل. المسلمون الزائفون، من القائد إلى الطباخ، يسارعون في إبعاد أنفسهم عن أيّ كفاح مسلح مـصـرّيـن على أن الجهاد هو صراع أخلاقي “داخلي” للفرد حصريا ً بينه وبين نفسه على المستوى الروحي وليس له علاقة بتاتا ً بذلك الكفاح المسلح عادل القضية.

بإمكان أعداء الإسلام أن يعضوا أناملهم بإحباط غيظا ً بينما يقومون بانتقاد وشجب كلمات الرسول القوية لأنها حسب رأيهم “تحرض على الإرهاب”. وبإمكان المسلمين المـُـضـَـلـّلين المعتادين على التبرير أن يستنفذوا حبر أقلامهم وهم ينكرون بشراسة أن الرسول قد قام يوماً بالإدلاء بنبوءة كهذه. بإمكانهم حتى أن يـُغـلـّـفوا تلك الكلمات بالسكر لتلطيف وطأتها مستخدمين “تأويلات تقدمية” للحديث. وتستطيع إسرائيل أن تقوم بالهجوم على إيران وأن تقوم بإحداث دمار جنوني في المزيد من مناطق العالم العربي/ الإسلامي بعد تدمير غزة ولبنان. ومع كل ذلك فإنه لا يمكن لأحد أن يتفادى التحقـّق النهائي لنبوءة الرسول بأن المقاومة المسلحة الإسلامية ضد ظلم إسرائيل سوف تنجح في النهاية. في يوم النجاح ذلك عندما تنطق الحجارة ،حتى الحجارة ستنطق، وسوف يكون الإسلام قد أحرز النصر على جميع الخصوم!

ولكن بينما سيكون على كل من النجاح النهائي لتلك المقاومة المسلحة، وإنزال العقوبة الجزائية التي تستحقها إسرائيل الانتظار حتى عودة المسيح عليه السلام، فمن المحتمل جدا ً أن تقوم القيادة السياسية والعسكرية لإسرائيل بجر العالم نحو حافة الدمار الشامل إذا قامت إسرائيل بشن هجمة نووية استباقية على إيران (انظر للمقالة بعنوان: “هل ستهاجم إسرائيل إيران؟”) .

 

إن القيام بشن هجمة بهذا الشكل على إيران سوف يكون مصمما ً خصيصا ً لإثارة حفيظة ذلك البلد – في حالة الافتراض بعيد الاحتمال بأن إيران تمتلك أسلحة نووية بالفعل منذ وقت سابق- واستفزازه ليقوم بالرد على الهجوم النووي بالمثل.

وفي حالة لم تـقـُـم إيران بذلك فإن إسرائيل ستبقى مصرة على المسارعة بتدمير جميع محطات الطاقة النووية الإيرانية وأي بـُـنـى تحتية أخرى مرتبطة بها مما يمكن استخدامه في تطوير رادع نووي إيراني محلي.

 

إذا كانت إيران تمتلك أسلحة نووية تم شراؤها من الدول الأخرى، واختارت أن ترد على الإسرائيليين بالمثل فإن هجمة ً إسرائيلية نووية استباقية كهذه ستؤدي في النهاية إلى موت مئات الآلاف من الإسرائيليين و الإيرانيين، وذلك قد يهبط بنا جميعا ً في حفرة من النار المشتعلة!

وإذا تبين أن إيران لم تكن تمتلك أسلحة نووية فإن موت الإيرانيين الجنتايل (ينظر اليهود إلى غير اليهود “الجنتايل” نظرة دونية) لن يؤخذ بعين الاعتبار من وجهة نظر من يدعون أنهم ” شعب الله المختار”.

 

إن هجمة إسرائيلية نووية على إيران قد تـُـشعل أزمة اقتصادية ومالية كارثية حول العالم، وستكون من القوة بدرجة ستؤدي لانهيار النظام العالمي الحالي (Pax Americana) الذي تسيطر فيه أمريكا على العالم وستؤدي إلى أن يتم استبداله بنظام عالمي آخر تسيطر عليه إسرائيل.

أعتقد إن إسرائيل لم تعد بحاجة إلى منظمة الأمم المتحدة الآن بعد أن قامت باستغلالها عبر السنين لحماية الدولة اليهودية منذ مرحلة ولادتها إلى طفولتها وحتى وصولها لوضعها الحالي كقوة عظمى في العالم. إن منظمة الأمم المتحدة ستشكل عائقا ً ثقيلا ً أمام الدكتاتورية العالمية اليهودية الجديدة (Pax Judaica) المرتبطة بعودة المسيح من وجهة نظر اليهود (وهو المسيح الدجال بحسب المعتقد الإسلامي).

وربما كان القصد من القتل المتعمد المـُـزدري لجميع القيم الإنسانية للموظفين المراقبين في منظمة الأمم المتحدة الذي نتج عن القصف الإسرائيلي لمركز المراقبة التابع للمنظمة في جنوب لبنان مؤخرا ً، هو إيصال رسالة للعالم بأن أيام منظمة الأمم المتحدة باتت معدودة.

 

الدين الإسلامي هو القوة الوحيدة الجادة في العالم اليوم بتقديم مقاومة مسلحة ضد الظلم والقمع في وحول المنطقة التي ينبغي تسميتها بصورة لائقة بالأرض المقدسة.

الإسلام يحتل اليوم الصدارة في الشؤون الدولية، وإن احتلال المعتقد الديني لموقع الأهمية المركزي في الشأن الدولي تنامى فقط لدى قيام إسرائيل بالسعي بلا هوادة لتحقيق قدرها المرتبط بمفهوم عودة المسيح (من وجهة النظراليهودية) وانغماسها في ارتكاب الظلم متحدية ً قيم الفضيلة والفطرة السليمة للبشر.

 

الإسلام وحده يتصف بالدقة في تفسير عالمنا الغريب اليوم، كما أنه قادر على التنبؤ السليم لعالم الغد الذي سيحمل الشر بشكل أكثر ترويعا ً، ومع ذلك فإنه في الوقت الذي يحظى به الآخرون بالوصول الميسر إلى الصحافة ووسائل الإعلام لتوضيح وجهات نظرهم في بلد يـُـقر بإعطاء

” كل عقيدة وعرق مكانة متكافئة مع الآخرين”(جمهورية ترينيداد وتوبيغو)، فإنه لا يوجد عمود صحفي واحد في أي جريدة يومية عن الإسلام في ترينيداد وتوبيغو.

 

 

هنالك كاتب مسلم، وهو عالـِم مسلم كبير ومؤلف في البلاد، يجد نفسه مـُـرغما ً على استجداء التبرعات ليقوم بشراء مساحة من الجريدة بسعر باهظ حتى يتمكن من شرح وجهة النظرالإسلامية في مواضيع هامة ومصيرية مثل موضوع هذا المقال. ولقد توجب على ذلك العالـِم كذلك أن يقوم بتصحيح المعلومات المضللة والأكاذيب حول الإسلام والتي كتبتها أقلام ماكرة لكُـتــّاب تتزايد أعدداهم باطراد ممن يحملون الروح الصليبية، أولئك الكتاب قد يأتون بوجوههم الخالية من أية تعابير ليحاولوا إقناع القراء مثلاً بأن طائر “الكيسكيدي” الصغير المحبب هو عبارة عن نسر جارح.

لقد قام أحدهم مؤخرا ً بشرح موضوع لنا، مرة أخرى بوجه خالٍ من أية تعابير، فأخبرنا أن المعنى الحقيقي الذي يقصده الرسول محمد عليه السلام في الحديث:”لا يفلح قوم وَلـّـوا أمورهم امرأة” هو (بحسب التأويل التقدمي) أنه كان من المباح للمسلمين أن يختاروا امرأة لتحكمهم!

 

إن الكاتب المسلم الذي أحدثكم عنه يضطر باستمرار للتصدي للمساعي الشيطانية لاغتياله معنويا ً (قدحه وذمه) والتي تسعى بكل خبث لتصويره على أنه “إرهابي” وأنه يشكل “خطرا ً كبيرا ً على الأمن”. وإن لم يكن ذلك كافيا ً فسأخبركم أنه كان عليه أن يقوم بتحضير نفسه للتعامل مع إقرار القوانين الجديدة لما يـُـسَـمـّى بـ “الديمقراطية” في البلاد والتي يجري تنفيذها الآن (وهي في حقيقتها فرض للديكتاتورية القبلية ومفهوم الدولة البوليسية، وهي الأمور التي تسعى القبيلة الحاكمة لهذا البلد لتنفيذها بإصرار وعناد أعمى)، وفي ظل تلك الإدارة الجديدة سوف يتم حرمان الإسلام حتى من حرية شراء مساحة للتعبير في الجريدة.

ثلاث مراحل للمخطط الكبير

 

تقترح هذه المقالة وجود ثلاث مراحل أساسية لمخطط كبير بدأ يتكشف بغموض كبير، وتسعى إسرائيل عبره إلى تحقيق قدرها المرتبط بعودة المسيح من وجهة النظر اليهودية (الدجال). لقد تم تتويج هذا المخطط الكبير بإعادة من يـُـعرفون عن أنفسهم بــ “الشعب المختار” بعد 2000 عام من النفي للمطالبة بالأرض المقدسة على أنها تعود لهم.

إن ذروة تحقق قدرهم، كما يعتقدون، سيكون بقيامهم بحكم العالم أجمع منطلقين من إسرائيل التي يريدونها أن تظهر على أنها الدولة التوراتية المقدسة التي تم استعادتها. ( يتم التأكيد باستمرار على كلمة الـحُـكم بسبب المكانة المحورية التي تحتلها هذه الكلمة في مهمة المسيح الدجال).

 

يبدو أن ذلك القدر النهائي سيتحقق قريبا ً، وهكذا فقد آن الأوان للقراء ليستغلوا ما تبقى من الوقت في محاولة فهم الموضوع من المنظور الإسلامي.

إن قيامنا بشرح هذه المراحل الثلاث للمخطط الكبير سوف يمكننا حقيقة من ان نشرح كذلك الكثير من تاريخ السياسة الدولية والشؤون الاقتصادية خلال القرون القليلة الماضية.

في المرحلة الأولى والتي امتدت لوقت طويل من الزمن،  قام النظام العالمي الذي كانت تحكمه بريطانيا (Pax Britanica) بشن حروب استعمارية على بقية دول العالم، وفي النهاية نجحوا بذكاء في “تحرير” الأرض المقدسة من الحكم الإسلامي المـُـحسن الـخَـيـّـر، كما نجح ذلك النظام العالمي في ترأس عملية ولادة الدولة المحتالة المخادعة: إسرائيل-الأوروبية.

 

وفي تلك الفترة كذلك شهد العالم حدثا ً غريبا ً وعصيا ً عن التفسير، وهو قيام بريطانيا الدولة العلمانية (التي من المفترض أنها تفصل الدين عن السياسة) بالالتزام بإعلان بلفورعام 1917 حيث قامت الحكومة البريطانية بالتعهد بموجبه بإنشاء وطن قومي لليهود في الأرض المقدسة.

يجب علينا أن نلاحظ ونعير اهتمامنا إلى أن بريطانيا وفي أثناء مساعيها لأن تصبح الدولة الحاكمة للعالم كان عليها أن تتخذ الخطوات الابتدائية نحو إحكام السيطرة على المال في العالم.
(شاهد ندوة الشيخ عمران حول “الإسلام والمال” على موقعه www.imranhosein.org (

وبذلك فقد أصبح الجنيه الإسترليني العملة العالمية،وغدت بريطانيا مُـقرِض المال الأول بلا منازع في العالم، ولقد كان ذلك حدثا ً لا نظير له في التاريخ النقدي (المالي).

 

في المرحلة الثانية من المخطط الكبير، (Pax Americana)مرحلة سيطرة أمريكا على النظام العالمي، وهي مرحلة ما زالت قائمة وسوف تستمر لوقت أقصر من المرحلة الأولى، خلفت أمريكا بريطانيا في حكم العالم، واستمرت بشكل غامض في حماية الدولة اليهودية- الأوروبية المتغطرسة المتوحشة والطامعة في التوسع، وذلك بمنحها عددا ً لا يحصى من التصويت بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن في الأمم المتحدة.

ولقد قام ذلك النظام العالمي الأمريكي كذلك بشن الحروب نيابة عن إسرائيل، حتى تجعل من العالم مكانا ً أكثر امنا ً لنمو إسرائيل وتطورها لتصبح قوة عظمى مسلحة نوويا ً.

 


وبدلا ً من المشهد المسرحي الكبير الذي شنت فيه بريطانيا حروبها الاستعمارية التي أوصلتها إلى مكانة الدولة الحاكمة للعالم في حينها، فقد كان إشعال حربين عالميتين أمرا ً كافيا ً للتسبب بنقل السلطة العالمية من الدولة الأولى (بريطانيا) إلى الدولة الثانية (أمريكا).

 

أطروحتنا تقدم للقراء تفسيرا ً للـهَـوَس الأمريكي الغامض بالأرض المقدسة، والمماثل للهوس البريطاني بها.

لقد كان هنالك عنصر مالي (نقدي) ساهم بالإضافة للحروب في بزوغ نجم الولايات المتحدة الأمريكية كدولة حاكمة للعالم (من بعد بريطانيا)، حيث احتل الدولار الأمريكي مكان الجنيه الاسترليني كعملة عالمية، وأصبحت الولايات المتحدة مُقرض المال الأول في العالم بلا منازع.

يشير تاريخ هاتين الدولتين المسيطرتين، بريطانيا وأمريكا، إلى أن من يـُحكم سيطرته على المال العالمي يستطيع كذلك أن يُسيطر على العالم نفسه.

إن السيطرة والتحكم بالمال قد يُستخدم لمنع تداول الثروة في النظام الاقتصادي، وبذلك يضمن أن يبقى الأغنياء دائما ً أغنياءً، وأن يبقى الفقراء دائما في عوز وبؤس. كما أن إحكام السيطرة على المال قد يتم استغلاله لشراء ولاء الأثرياء حتى يستمروا في زيادة ثرواتهم، ولذلك فإنهم قد يقومون بالانضمام لصف الظالم ومساعدته في السيطرة على العالم، وقد تؤدي تلك السيطرة كذلك إلى إضعاف الفقراء لدرجة من الوهن تجعلهم عاجزين عن مقاومة الظلم.

هذا هو الوصف الدقيق لحالة العالم اليوم، وهي الحالة التي تشكل هدفا ً حاسما ً وهاما ً للمخطط الكبير.

ومن ثم في المرحلة الثالثة ، الأخيرة والأقصر بين مراحل المخطط الكبير، فإننا سنشهد نظاماً عالميا ً يهوديا ً(Pax judaica) على وشك الصعود واستبدال النظام العالمي الحالي (الأمريكي)، ومرة أخرى فإن الطريق من الدولة الثانية إلى الدولة الثالثة والأخيرة المسيطرة على العالم بحسب المخطط الكبير سوف يتم تمهيده عبر شن مجموعة من الحروب الغريبة.

سوف تحتل إسرائيل مكان أمريكا كدولة مسيطرة على العالم قريبا ً، وعندما يحدث ذلك وفي نهاية المطاف سوف يقوم شخص يهودي بحكم العالم من القدس وسوف يدّعي أنه هو المسيح الحق! ولكنه لن يكون المسيح عيسى عليه السلام، في الواقع لقد شرح لنا الرسول محمد- عليه السلام- أن ذلك الرجل اليهودي سوف يكون الدجال! المسيح الدجال!

نحن الآن على مشارف تتويج المخطط الشيطاني الذي بدأ بالتّـكـشّـُـف المشؤوم منذ أن قامت الجزيرة الصغيرة بريطانيا بترويع العالم ومفاجأته من عدة قرون بتحولها إلى أول دولة حاكمة للعالم أجمع في العصر ما بعد التوراتي ( أي منذ أن قام النبيان داوود وسليمان بتأسيس أول دولة حاكمة للعالم أجمع في التاريخ).

الإرهاب والمخطط الكبير

لقد تم افتتاح المعبر بين المرحلة الأولى والثانية في المخطط الكبير بارتكاب أعمال الإرهاب المنظم الذي تم التخطيط له بحذر كبير، عندما تم اغتيال الدوق الأكبر فرانز فيرديناندن دوق النمسا والمجر، والذي حدث في سراييفو صيف عام 1914. إن أولئك الذين خططوا للاغتيال (وأتساءل إذا كان تروتسكي طرفا ً في المؤامرة) قاموا كذلك بدس آثار كاذبة في مسرح الجريمة تُـشير بأصابع الاتهام نحو روسيا. ولقد مهدت تلك الحادثة الطريق نحو قيام الحرب العالمية الأولى، والتي بدروها استـُـغلّت بنجاح لتفكيك الامبراطورية الإسلامية العثمانية، ولـ “تحرير” الأرض المقدسة بحسب المنظور اليهودي.

 

أما المعبر بين المرحلة الثانية والثالثة من المخطط الكبير فقد تم افتتاحه بارتكاب عمل إرهابي حصل على قدر أقل من التخطيط، والحديث هنا عن هجمات 11 سبتمبر الإرهابية على أمريكا. وهذه المرة كان الطريق يلتف حول مسرح الجريمة بآثار باطلة تم دسها وكانت تشير إلى العرب والمسلمين، ولقد فتح ذلك المجال لتُصاب أمريكا بغضب شديد وغطرسة وسكرة السلطة (سوء تقدير للأمور بسبب الغضب الشديد وامتلاكها للقوة والسلطة) لتقوم هي وحلفاؤها الأوربيون بشن سلسلة من الحروب (وما زالت قائمة) حتى تتمكن في النهاية من فرض سيطرتها التامة على أهم مصادر النفط الرئيسية في العالم ممن لم يكن قد تمت السيطرة عليه بعد، ونعني هنا الحرب الأمريكية على أفغانستان والعراق، والحرب الإسرائيلية على لبنان وقطاع غزة واخيراً على سوريا وإيران.

يبدو لي أن شن حربٍ على فنيزويلا سيكون أمرا ً حتميا ً، وهذا ربما يفسر السعي المتهور للقبيلة التي تحكم ترينيداد وتوبيغولإقامة دكاتوريتها القبلية في البلاد.

 

سوف تسمح حروب يومنا هذا لإسرائيل وأمريكا في النهاية بان تتحكما في النظام المالي الالكتروني الجديد للعالم، والذي سوف يحل محل العملة الورقية عندما ينهار الدولار الأمريكي.

 

إن تشريع الحرب على الإرهاب ، و شن الحرب على الإرهاب ، (وهي الكلمات المنمقة للتعبير بلطف عن :الحرب على الإسلام) سوف تمهد – بالمحصلة- الطريق نحو فرض نظام عالمي مالي جديد، بذريعة الأمن العالمي، يعتمد على النقود الإلكترونية (العملة الإلكترونية).

ذلك النظام النقدي سيجعل من العالم مكانا ً أكثر أمنا ً لإسرائيل وذلك لأن أي شخص قد يجرؤ على معارضة إسرائيل مستقبلا ً سوف يتم استهدافه بصفته إرهابيا ً وسيكون بإمكانهم فصل ثروته الإلكترونية عنه بكبسة زر.

 

إن أهم نقطة تركز عليها هذه المقالة هي أن العالم الآن يقف في تلك اللحظة الحرجة التي بلغت فيها المرحلة الثانية من المخطط الكبير ذروتها وبدأت فيها المرحلة الثالثة من المخطط في الظهور.

الرسول محمد ، المخطط الكبير والرقم 666

أعتقد أن الرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم- قد تنبأ بالمراحل الثلاثة للمخطط الكبير (النظام العالمي ذو السلطة المطلقة)، والتي سوف تعين المسيح الدجال على تحقيق مهمته أخيراً، وهي انتحال شخصية المسيح الحق عيسى – عليه الصلاة والسلام- وبذلك يصل لحكم العالم منطلقا ً من الدولة المحتالة الزائفة إسرائيل في الأرض المقدسة.

قال رسول الله:” .. يخرج الدجال في أمتي فيمكث في الأرض أربعين يوما ً يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم ” . صحيح مسلم

ولقد تنبأ كذلك، فيما يـُعرف بحديث تميم الداري، بأن القاعدة الأساسية التي سينطلق منها الدجال (بمعنى المرحلة الأولى من مهمته والتي تستمر ليوم كسنة) ستكون جزيرة متخصصة في التجسس، وأنها تقع على مسافة رحلة شهر بالبحر من الجزيرة العربية، أعتقد أن تلك الجزيرة لا يمكن إلا أن تكون هي بريطانيا!

 

لقد وصف الإنجيل تلك المراحل الثلاث ذاتها، والتي تبلغ أوجها بالتزامن مع نظام نقدي (مالي) عالمي جديد يقوم على العملة الإلكترونية، ومع وجود المسيح الدجال كحاكم للعالم من القدس.

لقد أفاد الإنجيل بذلك في سفر الرؤيا (13: 16-18) :
” .. وأن يأمر جميع الناس صغارا ً وكبارا ً، أغنياء وفقراء، أحراراً وعبيدا ً، بأن يقبلوا علامة على أيديهم اليمنى أو جباههم فلا يستطيع أحد أن يشتري أو يبيع إن لم تكن لديه تلك العلامة التي هي اسم الوحش أو الرقم الذي يوافق اسمه ، هنا الحاجة إلى الحكمة: من لديه الذكاء فليحسب رقم الوحش، لأن الرقم يمثل اسم انسان، ورقمه هو ست مئة، وثلاثة عشرينات (ستين)، وستة”

 

عندما تقوم بتحليل الرمزية الدينية للإنجيل، فإنه يظهر لنا بوضوح أن الرقم “ست مئة” ، عند ربطه بموضوع الدجال، يشير إلى المرحلة الأولى من المخطط الكبير والتي دامت لوقت طويل وشهدت نشوء أول دولة تحكم العالم أجمع في تاريخ العصر ما بعد التوراتي، وبالتالي فهي تشير إلى النظام العالمي البريطاني (Pax Britanica).

والرقم “ثلاثة عشرينات (ستين)” يشير إلى المرحلة الثانية وهي الحالية وسوف تدوم لوقت أقصر من الزمن، ولقد شهدت بزوغ ثاني دولة حاكمة للعالم وبالتالي فهي تشير إلى النظام العالمي الأمريكي (Pax Americana).

وأخيرا ً الرقم “ستة” فهو يشير إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من المخطط الكبير والتي عبرها سيقوم المسيح الدجال بإتمام مهمته أخيرا ً والظهور بالشكل الآدمي ليحكم العالم من القدس من الدولة المحتالة الزائفة الحاكمة للعالم إسرائيل،في الفترة التي سوف تعرف بــ (Pax Judaica) فترة النظام العالمي اليهودي.

 

إن الصفات المميزة لذلك المخطط الكبير ،الذي يستمر في الـتّـكَـشُّـف كل يوم، منذ بداياته مع مسيحيي أوروبا الصليبيين، وحتى يومنا هذا، هي إنكار وجود الرب القدير والانحلال والتضليل والظلم الوحشي.

فقط أولئك الذين يحملون الصفات الثلاثة سوية: العمى والصمم والبكم سوف يفهمون ما سبق ذكره على أنه تأييد ونعمة إلهية.

 

سوف ننظر الآن في ردود فعل متناقضة على الظلم.

الإستجابة للظلم (ردود أفعال على الظلم)

لقد شكل أمير المؤمنين مالكوم إكس مصدرإلهام منذ وقت طويل لمسلمي العصر الحديث، ماكلوم الذي قام ذات مرة بمعالجة هذا الموضوع وشرح ردود الفعل المختلفة على الظلم الذي قاساه العبيد.

لقد خضع “عبد المنزل” لنفس الظلم الذي وقع على “عبد الحقل” كان كلاهما مُـجرّدين من “الحرية الخارجية” وهكذا فقد كانا واقعين تحت عبودية “خارجية”. ولكن بينما كره “عبد الحقل” ذلك الظلم وتلك العبودية، فقد استسلم “عبد المنزل” لها وتـَـوَحّـد مع سيد العبيد وقبل بعبوديته، لقد كان دماغه مغسولا ً وكان أعمى البصيرة لدرجة أنه أصبح تابعا ً مخلصا ً لسيد العبيد، كان جاهزا ً دائما ً لخدمة السيد كيفما تطلب الأمر وفي أي وقت احتاجه السيد.

 

عندما مرض سيد العبيد، كان “عبد المنزل” يشعر بآلام سيده ومعاناته، ويقول لسيده:” نحن مريضان”. لقد كان “عبد المنزل” عبدا ً من “الداخل” ومن “الخارج”. أصبح جزءا ً من نظام العبودية (إن عميان البصيرة ينتهي بهم المطاف دائما ً بأن يصبحوا عبيدا ً).

كافأ سيد العبيد “عبد المنزل” لقاء خدماته الوفية للسيد بأن يدهن له “الزبدة” على الخبز. وهو ما زال يفعل ذلك حتى يومنا هذا بمنحه تأشيرة دخول للولايات المتحدة، أو منحه الوظائف والحماية مقابل الدعم السياسي للقبيلة الحاكمة !

 

إن “عبيد المنزل” حول العالم اليوم قد قاموا برفع أنفسهم بالرافعة (الصعود للقِمـّة بطريقة متكلفة وبعون من الآخرين) حتى يصبحوا قادة المجتمعات الإسلامية.

ومن جهة اخرى فإن “عبد الحقل” كان عبدا ً فقط من “الخارج” ولكنه “داخليا ً” كان رجلا ً حرا ً، وبسبب تلك الحرية “الداخلية” فقد كان لدي “عبد الحقل” القدرة على “الرؤيا” وبالتالي إدراك ظلم وخبث سيد العبيد، ولقد كره ذلك ملئ قلبه وروحه. لم يستسلم “عبد الحقل” أبدا ً للظلم والخبث بل على العكس لقد كان في شوق دائم لاستعادة حريته وتفكيك وإزالة نظام العبودية، وهكذا فقد قام “عبد الحقل” بالاستجابة للظلم والعبودية بنمط مناهض للنظام.

 

كان سيد العبيد شخصا ً ظالما ً، وكان “عبد الحقل” يعتبره عدوا ً له ولا يمكن أن يشاركه في لعب كرة القدم أو الكريكيت، وبالتالي فمن المستحيل أن يستضيف أي بطولة من بطولات يومنا هذا لكأس العالم لكرة القدم أو الكريكيت.

بدلا ً من ذك فإنه عندما شبت النار في منزل مالك العبيد فقد كان “عبد الحقل” يصلي ويدعو الله تعالى أن يرسل رياحا ً قوية على منزل السيد الظالم حتى يحترق منزله بالكامل.

 

كان سيد العبيد يبغض “عبد الحقل” ويزدريه ولذلك فقد جعله يدفع الثمن غاليا ً لقاء عدم استسلامه له وعدم رغبته في ان يصبح جزءا ً من نظام العبودية.

إن المسلمين الذين يتبعون خطى الرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم- هم “عبيد الحقل” في يومنا هذا! عبيد الحقل الذين تجرؤوا  على تقديم مقاومة مسلحة ضد الظلم الوحشي الهمجي الإسرائيلي في الأرض المقدسة ومناطق أخرى، ويتم تشويه صورتهم والإشارة إليهم بأنهم إرهابيون.

لو كان مالكوم إكس على قيد الحياة اليوم فمن المؤكد أنهم سيصفونه بالـ “الإرهابي” وبانه يشكل “خطرا ً كبيرا ً على الأمن”، ولكان دخوله لمعظم دول الكاريبي ممنوعا ً بالتأكيد.

 

لقد قام التحالف الإنجليزي- الأمريكي- الإسرائيلي، الذي يحكم العالم اليوم، مرة بتشويه صورة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا) ووصفه بالمنظمة الإرهابية.

في الحقيقة فلقد كان الحزب في ذلك الوقت مؤلفا ً حصريا ًمن “عبيد الحقل” ! اليوم هنالك بالتأكيد صراع بين عبيد الحقل وعبيد المنزل داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.

 

لا بدّ أن أبطال الأمس عبيد الحقل المحاربين في سبيل الحرية حول العالم يتقلبون في قبورهم غير مرتاحين لأن اولادهم خلفوهم بأن أصبحوا حُـكّـامـا ً وتحولوا إلى عبيد المنزل التابعين لسيد العبيد الظالم.

عندما كان الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن يُـحضّر لشن حربه غير العادلة على العراق أظهر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي شجاعة ً ونزاهة ً بردهم على ذلك بالخروج في مسيرات احتجاجية كبيرة في الشوارع. لقد شاركت معهم في التظاهر في جوهانسبيرغ قبل 3 سنوات (عام 2003) في صبيحة يوم مشمس من شهر فبراير، ولقد أسرت قلبي مشاهدة راقصي فرقة الزولو يؤدون رقصتهم وأناشيدهم الشعبية المؤثرة والجميلة.

ولقد استنكر نيلسون مانديلا بشكل قاطع الحرب التي كانت عبارة عن سعي نحو سرقة النفط العراقي. ولم يتردد كذلك رئيس الوزراء الماليزي الأسبق د.مهاتير في استنكار كل من الحرب على العراق وهجمة 11 من سبتمبر الإرهابية على أمريكا بصفتهما كانا حدثين تم التخطيط لهما وتنفيذها بالنيابة عن إسرائيل (لأجل منفعتها).

حكومة ترينيداد وتوبيغو القبلية لا يمكن أبدا ً أن تكون غير مدركة للدلالات المُخزية التي نتجت عن قيام رئيس وزراء ترينيداد مانينغ بالحج الدبلوماسي إلى القدس في خطوة غير حكيمة أبدا ً، ليؤكد على صداقة حكومته للدولة الأوروبية-اليهودية إسرائيل.

ربما كانت تلك المبادرة الدبلوماسية الاستثنائية رفيعة الشأن مطلوبة منه، بعد أن تم إمساك رجل يحمل الجنسية الإسرائيلية  متلبسا ً بالجرم المشهود في موقف محرج، بينما كان يتحصن في كوخ في غابة بالقرب من قرية أروكا لحيازته غير المشروعة لختم الهجرة الخاص بجمهورية ترينيداد وتوبيغو .(لمساعدة مواطنين من ترينيداد على الهجرة إلى إسرائيل).

لوكان الرجل الذي تم إلقاء القبض عليه مسلما ً فلن يتم السماح له أبدا ً بمغادرة البلاد جوا ً مع تغريمه غرامة مخففة من المحكمة قدرها 2000 دولار أمريكي، ودون أي إشارة واحدة لتُهم تتعلق بالإرهاب.

لو كان مسلما ً لوافق عبيد المنزل الأصليين التابعين للسيد الظالم، بحماس بالغ على تسليم ذلك الرجل بصفته مجرما ً ليتم إيداعه في ذلك الـتّـجَـلّي الجديد –المثير للفضول- لمفهوم الجمهوريين الأمريكيين عن “الديمقراطية”، أي تسليمه إلى معسكر التعذيب في غوانتانامو، المكان الذي أصبح معروفا ً بأن الجنود الأمريكيين فيه يقومون بالتبول على نسخ من القرآن، وحتى أنهم يقومون بسحب مياه المرحاض على الكتاب المقدس.

بعيدا ً عن بعض القادة الضالين الذين يسمون بالقادة المسلمين في ترينيداد و توبيغو، والذين يشاركون القبيلة الحاكمة للبلاد في صداقتهم المخجلة مع الدولة الغاصبة إسرائيل، فإن معظم المواطنين المحليين يعارضون الدولة الأوروبية- اليهودية، والكثير منهم سيقبلون بكل سرور على الالتحاق بالكفاح من أجل التحرر من الظلم الإسرائيلي.

هم ليسوا وحيدين في معارضتهم لذلك الظلم، ويتضح ذلك في المقالات الحديثة لكل من ديفيد عبدالله ورفيق شاه، المنشورة في الصحف المحلية.

في الواقع لقد أدرك الشاعر الإنجليزي جون دون (1572 – 1631) ،منذ وقت طويل في القرن السابع عشر الميلادي، أمرا ً ما زالت القبيلة الحاكمة للبلاد لا تدركه حتى الآن عندما أنشد قائلا ً:

وعندما قويت شوكة “الشعب المختار” تحولت قضيتهم العادلة إلى قضية خاطئة.

في هذه الأثناء التي تستمر فيها الصورة الحقيقية للاعتداءات الإسرائيلية الجوية على غزة ولبنان بالإنكشاف،وحيث أن إسرائيل مستمرة في مساعيها لتوسيع رقعة حرب التدمير المجنونة الجارية حاليا ً ربما حتى تجس نبض إيران لمعرفة فيما إذا كانت تمتلك أسلحة نووية أم لا، فإنه بإمكاننا أن نتوقع بكل ثقة أن يقوم المزيد من اهل هذا البلد (ترينيداد) باستنكار وشجب إسرائيل لجرائم الحرب التي ترتكبها. بينما السياسيون – وللأسف الشديد- نادرا ً ما يملكون النزاهة والشجاعة الكافيتين لكي يقولوا للأعور أعور بعينه عندما يكون هذا الأعور هو إسرائيل!

وجهة النظر المسيحية في الموضوع

يعتقد الكثير من المسيحيين (في الغرب) أن ولادة الدولة الأوروبية-اليهودية إسرائيل كان بفعل الحكمة الإلهية التي أرادت تحقيق نبوءة توراتية. ولقد كانت، حسب وجهة نظرهم، حكمة إلهية جاءت لتفسير السبب وراء ما يبدو وكانه عودة إعجازية لليهود إلى الأرض المقدسة للمطالبة بها على أنها تعود لهم بعدما يقرب ال 2000 عام منذ أن تم طردهم منها ونفيهم بأمر إلهي.

إن أشخاصا ً مـُـضلّلين بهذا الشكل لا يتوقفون للتفكير في أن النظام العالمي الأوروبي الفاسد الظالم الذي قام بـ”تحرير” الأرض المقدسة من الحكم الإسلامي المـُحسِن الخَـيّـر، وجعل من عودة اليهود إلى الأرض المقدسة ممكنا ً، لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال (النظام العالمي الأوروبي) أداة من أدوات الحكمة الإلهية، لأن الحق لا يتوافق مع إنكار وجود الرب القدير والكفر به ولا مع الفساد والظلم.

 

هم يؤمنون بأن دولة إسرائيل الأوروبية-اليهودية في يومنا هذا مـُـقـَـدّر لها أن تحكم العالم، وأن قدرها سيتحقق في النهاية في تتويج عظيم ومفتخر عندما يعود الرب نفسه، في شخص المسيح الحق عيسى ابن مريم العذراء، ليحكم العالم من القدس. يؤمنون بأن نهاية التاريخ أصبحت قريبة جدا ً، وعندما يتجسد ذلك للعيان فإنهم يظنون أن ذلك سوف يثبت أن المسيحيين على حق. وفي هذه الأثناء فإنهم يصرون على أنه يجب دعم كل خطوة دامية تتخذها إسرائيل لبسط سيطرتها على المنطقة وفرض سلطتهاعلى الدول العربية/ الإسلامية المحيطة بها،  لأنها تقوم بتحقيق نبوءة توراتية مـُحرّفة إمبريالية (إستعمارية توسعية):

” أيّما أرض تدوسها بطون أقدامكم فهي ملك لكم” سفر التثنية (11-24)

 

إنهم يُغلقون أعينهم متعمدين عن قيام إسرائيل بإراقة دماء الأبرياء، لانهم يعتقدون أن رقصة الحرب الشريرة التي تؤديها إسرائيل مبررة اخلاقيا ً وروحيا ًفي سياق تحقيق النبوءة التوراتية.

بحسب المؤيدين المسيحيين لإسرائيل (في الغرب) فإن سلوك إسرائيل يبدو وكانه صادر عن ظالم، ولكنهم يجدون فلسفة أخلاقية غامضة في مكان ما (ربما في هوليوود) تُـبَـرّئ إسرائيل وتبرر الظلم وأعمال الذبح الغاشمة التي أطلقت لها إسرائيل العنان ضد المواطنين العرب الـعُـزّل من مسلمين ومسيحيين على السواء، وذلك التبرير هو أن تصرفات إسرائيل تمثل عقوبة إلهية للعرب.

ويعتبرون كل من يعارض إسرائيل ويقاومها شخصا ً شريرا ً، وبما أن الأتباع الحقيقين للرسول محمد –عليه الصلاة والسلام- بقوا وحدهم القوة الوحيدة الجادة في مقاومة ظلم الدولة الأوروبية-اليهودية، فإنهم يعتبرون المسلمين أشر شرار العالم.

عندما تساءل ديفيد عبدالله :” هل جُـنَّ جنون إسرائيل؟”، وعندما قام رفيق شاه بالتحذير :” لا تبكوا على إسرائيل عندما يحين وقت الجزاء”، لا بد ان مناصري إسرائيل قاموا على الأرجح بربط  “ضلال” هذين الكاتبين الصحفيين (وهما من ترينيداد) بعلاقتهما بالإسلام والتي تظهر ضمنيا ً في إسميهما.

إنهم مقتنعون أنه لا بد وأن المسلمين هم قبائل يأجوج ومأجوج الأشرار المذكورين في كتبهم المقدسة وان الرسول محمد هو المسيح الدجال.

وجهة النظر اليهودية في الموضوع

من الصعب جدا ً تقبـُّل وجهة النظر المسيحية الإنجيلية (البروتستانتية) في إسرائيل في عصرنا هذا، فماذا نفعل حيال وجهة النظر اليهودية السائدة والتي تؤمن بأن عيسى –عليه السلام- هو ابن زنا وبأنه هو المسيح الدجال ! وبأن محمد رسول زائف ؟!

 

غالبية اليهود يعتقدون أن ولادة إسرائيل المعاصرة وعودة اليهود إلى الأرض المقدسة تُـبشّر بعودة المسيح وشيكة الحدوث، والذي سوف يحكم العالم من القدس، وعبره سوف تكتسب الديانة اليهودية شرعيتها بصفتها الديانة الحـَـقـّـة .

إن إثبات صحة الديانة اليهودية بهذا الشكل سوف يُبطِل بطبيعة الحال إدعاء كل من الديانة المسيحية والديانة الإسلامية بكونهما على الحق. كما ستؤدي للتأكيد على كون اليهود “الشعب المختار” الذي وهبه الرب الأرض المقدسة بلا قيد أوشرط وبصفة أبدية.

 

لقد أدت علمنة الحضارة الغربية المعاصرة (فصل الدين عن الدولة) إلى دفع المجتمعات الأوروبية بشكل متزايد نحو الإلحاد والفجور، ولقد كان للغرب كذلك سجل مخز ٍ حافل بالظلم والاضطهاد لغير الأوروبيين.

 

إن الناس الذين يعبدون رب إبراهيم لا يمكن لهم ان يصبحوا حلفاء مع أولئك الذين يملكون سجلا ً حافلا ً بالإلحاد والفجور والظلم، ولكن إسرائيل اليهودية تعتقد أنها تمتلك الحق المقدس (بالإذن الإلهي) لاستخدام أي وسيلة كانت لتحقيق هدفها في حكم العالم من القدس، وذلك لأنهم يعتقدون أن الغاية تبرر الوسيلة.

وإن ما يراه منتقدوا إسرائيل على أنه ظلم ومعاملة وحشية للمسلمين ابناء اسماعيل هو من وجهة نظرهم عقاب إلهي مبرر في التوراة، فكيف ذلك؟

 

العرب ينحدرون من سلالة إسماعيل ابن إبراهيم –عليهما السلام- ولقد تمت إدانته في التوراة ووصفه بالتالي:

” .. وانه يكون إنسانا ً وحشيا ً يده على كل واحد (أي قاطع طريق ولص) ويد كل واحد عليه (أي أن البشرية جمعاء سوف تكرهه وتحارب ضده)”  سفر التكوين (16:12)

 

تدعي التوراة كذلك زورا ً وبهتانا ً أن الأرض المقدسة تم وهبها لذرية إبراهيم المنحدرين من إسحاق (مجردين إسماعيل زورا ً من نسبه كإبن شرعي لإبراهيم عليه السلام)، وبان حق مطالبة بني إسرائيل بصك ملكية الأرض المقدسة يبقى ساري المفعول بغض النظر عن إلتزامهم بالعمل الصالح أو عدمه.

” فاعلم أنه ليس لأجل برّك يعطيك الرب إلهك هذه الأرض الجيدة لتمتلكها لأنك شعب صلب الرقبة” سفر التثنية (9:6)
و معنى هذا الاقتباس هو: اعلم أنه ليس لأجل عملكم الصالح سوف يمنحكم الرب هذه الأرض الطيبة (الأرض المقدسة) ولكن لانكم شعب عنيد متصلب الرأي.

 

 

ولكن الأمر الأكثر رعبا ً في هذا السياق هو الحدود التوراتية للأرض المقدسة:

” في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام (أي إبراهيم) ميثاقا ً قائلا ً لِنَـسـلِـكَ أُعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير الفرات” سفر التكوين (15:18)

 

بإمكان قُرائنا الآن أن يفهموا العلاقة بين التشوهات في التوراة المحرفة وحدود إسرائيل الإقليمية الآخذة بالتوسع بشكل مشؤوم.

القرآن والأرض المقدسة

 

يدلي القرآن الكريم ببيان في غاية الأهمية يتعلق بفئة معينة من المسيحيين واليهود والتي ستظهر في فترة من فترات التاريخ.

قال تعالى: ” لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ً وأنهم لا يستكبرون”
سورة المائدة الآية 82

 

 

ويحرم القرآن الكريم صداقةالمسلمين أو تحالفهم مع التحالف اليهودي-المسيحي.

قال تعالى: ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين:
سورة المائدة الآية 51.

 

يفسر الشيخ عمران هذه الآية كالتالي: إن الله تعالى يأمر المؤمنين بألا يتخذوا من التحالف اليهودي-المسيحي حليفا ًلهم، لأنه عندما يتم التحالف بين اليهود والمسيحيين فإن ذلك علامة على فساد وشر ذلك التحالف لأنه لم يسبق في التاريخ أن كانت هاتان الطائفتان متحالفتين ومتصالحتين بهذا الشكل، بينما من الجائز التحالف مع مسيحيين او يهود ممن يرفضون الظلم الإسرائيلي ولا ينتمون إلى التحالف الصهيوني اليهودي العالمي.

 

كما برأ القرآن الكريم إسماعيل عليه السلام من الافتراء والبهتان الذي يصفه به اليهود.

قال تعالى:” واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا ً نبيا وكان يامر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ً” (سورة مريم الآيتان 54 ،55)

 

 

ولقد صوّب القرآن الكريم كذلك مزاعم بني إسرائيل حول المنح غير المشروط للأرض المقدسة لهم. في الواقع لقد كان الله سبحانه وتعالى قد منحهم الأرض المقدسة بشرط “الإيمان بالله تعالى” و “العمل الصالح”.

قال تعالى:” ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون” (سورة الأنبياء الآية 105)

 

أي أن الله تعالى قد أبلغنا في التوراة والزبور أنه فقط عباد الله الصالحون المؤمنون سوف يرثون الأرض المقدسة.

إن ذلك البيان القرآني تدعمه بعض المزامير.

 

“.. أما الودعاء فيرثون الأرض (أي الأرض المقدسة) ويتلذذون في كثرة السلامة”

المزمور 37: 11

 

 

“الصديقون يرثون الأرض ويسكنونها إلى الأبد (أي بشرط أن يبقوا صالحين)”

المزمور 37: 29

 

 

“طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض (أي الأرض المقدسة)”

إنجيل متّى 5: 5

 

لقد وضح القرآن أنه في أي وقت يخرق فيه بنو إسرائيل الشرط الإلهي لوراثة الأرض المقدسة، (أي الإيمان بالله والعمل الصالح) فإن الله سبحانه وتعالى سوف يطردهم من تلك الأرض.

حدث الطرد الأول بعد موت النبي سليمان عليه السلام كعقوبة لهم على افترائهم الكذب على الله (تحريف الكتب المقدسة وإعادة كتابتها لدس الزور والإفك فيها) فـتـمّ نـَـفـيُهم إلى بابل ولدى عودتهم إلى الأرض المقدسة فقد نقضواالشروط الإلهية مرة أخرى عندما ثاروا ضد أنبياء الله وقتلوا بعضا ً منهم. حتى أنهم تباهوا بصلب المسيح، وكنتيجة لذلك فقد طُردوا من الأرض المقدسة مرة أخرى.

 

بعد ذلك الطرد الأخير الذي حدث على إثر رفضهم القبول بالمسيح الحق عيسى –عليه السلام- ومحاولة صلبه، أبلغهم الله سبحانه وتعالى أمرا ً.

قال تعالى:” وإن عدتم عدنا” (سورة الإسراء (سورة بني إسرائيل)الآية 8)
إن عدتم (أي إلى الأرض المقدسة بظلمكم وشروركم) عدنا (عدنا لكم بعقوبتنا).

 

لقد عاد بنو إسرائيل إلى الأرض المقدسة اليوم بظلم وخُبث  يفوقان أي وقت سابق،وهكذا فإنه يجب ان يكون من الواضح جدا ً لأولئك الذين يستطيعون إدراك وتمييز الظلم والخبث، بأن العقوبة الجزائية الإلهية التي وعد بها القرآن هي كذلك أمر سيحدث بكل تأكيد.