دروس أخرى مُستفادة من الهجوم الصهيوني علي ليبيا

مقال للشيخ عمران حسين

الثلاثاء 14 شوال 1432

تفسير هذا الدرس مرة أخرى

إنه من المؤسف أن هؤلاء المنتقدين الذين علقوا بالسلب على مقالي الأخير عن ليبيا قد تجنبوا بإصرار أن يعلقوا أو يردوا علي أهم وأخطر تهمة وجهتها لهؤلاء المسلمين الذين شاركوا أو ساندوا التمرد المسلح المخطط له منذ زمن بعيد والذي أسقط الحكومة الليبية في العاصمة طرابلس.

فلقد وجهتُ انتباه العامة لأمر الله في القرآن الذي حرّم بشدة على المسلمين أن يَدخلوا بشكل خاص في تحالف مع الناتو الذي بمساعدته استطاع هؤلاء المسلمين الضالين في النهاية أن يحققوا هدفهم المنشود في ليبيا في السيطرة على مدينة طرابلس العاصمة ثم المطالبة بالاعتراف بهم كحكومة جديدة:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” .. سورة المائده الآيه رقم (51).

لابد لهم أن يعرفوا أن القرآن لا يشير هنا إلى صداقات فرديه مع يهودي أو مسيحي. ولكن القرآن بالأحرى تنبأ قبل 1400 عامٍ مضت بالتصالح الغامض الذي صِيغ بين معظم الأوروبيين المسيحيين والأوروبيين اليهود – ذلك التصالح الذي لعب فيه الفاتيكان دوراً استراتيجياً مهماً عن طريق تبرئة اليهود من مسؤولية صلب نبي الله المسيح عيسي ابن مريم (عليه السلام).

وقريباً قبل عدة أشهر أطلق البابا بندكت كتاباً جديداً جادل فيه بمكر أنه “لا يوجد أي أساس في الكتاب المقدس عن الحجة القائلة بأن الشعب اليهودي ككلّ مسؤول عن موت يسوع”.
كيف يمكن للشعب اليهودي ككل أن يحتمل مسؤولية الصلب في حين أنه كان هناك العديد من اليهود الذين قبلوا يسوع على أنه المسيح وبذلك لم يكن لهم دور في المطالبة بصلبه؟ هل توقفوا عن أن يكونوا يهوداً عندما آمنوا بيسوع على أنه المسيح الموعود؟

تعليقات البابا أخفت مجتمع الرِبِّيين الذين رفضوا دعوة عيسى -عليه السلام- بأنه المسيح- والذين لا يزالون حتى هذا اليوم يرفضون هذه الدعوة- والذين كانوا بكل تأكيد مسؤولين عن المطالبة بصلبه. وإذا لم تتنصل الأجيال المتتابعة من اليهود علناً من هذا السلوك الخاطئ لأولئك اليهود الذين (باسم الشريعة اليهودية) طالبوا بصلبه وإذا لم يُدينوا هذا السلوك اليهودي الخاطئ فإنهم سوف يستمرون من جيل إلى جيل بالمشاركة في المسؤوليه كيهود عن هذا العمل اليهودي المقيت. وإذا كانوا لا يصدقونني إذاً فلينتظروا ليرَوا ما سيحدث لهم في القبر مثلاً, عندما يلجؤون للاحتماء خلف تصريح الفاتيكان المزيّف الذي أعلن عدم مسؤوليتهم!

وأرجو أن تلاحظوا أن المسيحيين يؤمنون بأن عيسي تم صلبه بالفعل, في حين أن القرآن صرّح بما لم يعرفه أحد من قبل, أي, أن الله تعالي جعله يظهر كأنه تمّ صلبه في حين أنه في الواقع لم يصلب.

المصالحة بين الأوروبيين المسيحيين والأوروبيين اليهود مهّدت الطريق لظهور التحالف الصهيوني اليهودي-المسيحي والذي يشن حرباً الآن على الإسلام والمسلمين بالنيابة عن إسرائيل والذي يملك الذراع العسكري له تحت مسمّى “الناتو”. ولقد سمّيتُ هذا التحالف الصهيوني بأنه يأجوج التي في القرآن (انظر كتابي “نظرة إسلامية في يأجوج ومأجوج في العالم الحديث”).

إن المسلمين الضالين الذين دخلوا في هذا التحالف المحرَّم مع الناتو والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إسقاط الحكومة الليبية لابد لهم أن يعرفوا أنهم فقدوا إسلامهم وأنهم إذا لم يتوبوا فإنهم سيموتون كجزء من التحالف الصهيوني الذي لديه كلمة “كافر” مكتوبة على جبهته.

وأرجو أن يوقظهم هذا المقال بإذن الله من سلوكهم الضال هذا وأن يسرعوا بالتوبة والعودة إلى الإسلام قبل فوات الأوان. وأخشى أن أصدقاءهم الصهاينة سوف يديرون بنادقهم عليهم حتماً ليفسحوا الطريق للهجوم الصهيوني القادم على مصر. ألم يكن هذا المصير الذي أصاب الرئيس الباكستاني ضياء الحق والملك السعودي فيصل (رحمه الله) اللذَين تجرأا وتحدَّياهم بعد أن كانوا قد رضخوا لهم من قبل؟

روسيا والصين وليبيا ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة:

كنا قد أنهينا مقالنا الأخير بهذه الفقرة.

ويبقى جزءٌ أخيرٌ من هذا اللغز المستعصي على التفسير. لماذا ساندت روسيا والصين قرار مجلس الأمن الذي سمح للناتو بالتدخل العسكري في ليبيا؟ هل هاتان الدولتان من الغباء بحيث لا تتوقعان تبعات مساندتهم لهذا القرار؟ أم أن هناك المزيد والذي لم يظهر بعد؟

إن روسيا والصين مدركتان جيداً أن الغرب الصهيوني مهووسٌ تماماً بالهدف اللامنطقي الذي يتضمن تسليم حكم العالم لإسرائيل. وأعتقد أيضاً أنهما مدركتان جيداً أن الهجوم الصهيوني المكذوب تفسيره في الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة الأمريكية كان هدفه تسهيل شنّ حروب لإخضاع العرب والعالم الإسلامي لإسرائيل. تم إعطاء التفسير الإسلامي طبقاً لعلم آخر الزمان لمتابعة هذا الهدف اللامنطقي في كتابي المعنون “القدس في القرآن”.

فلقد تسبب الهوس في إفقاد الصهاينة القدره علي التفكير الاستراتيجي. فإن روسيا والصين ليسَتا فقط مسلحتين نووياً ولكنهما أيضا أمّتين أَبِيَّتَين ولن تخضعا أبداً لحكم يهودي- إسرائيلي عليهم. الصهاينة لا يمكنهم أن يخيفوا روسيا والصين ولا يمكنهم أن ينجحوا في رشوتهما للخضوع. المجهود الأخرق المثير للشكوك للصهاينه في جورجيا سنة 2008 في أثناء أوج الحمله الانتخابيه الرئاسيه الأمريكيه في إلقاء الطعم لروسيا بالنيابة عن جون ماكين باءَ بفشلٍ مُحرِج. ودعونا لا ننسى أن بوتين أعطى الصهاينه الأنف الدموي في جورجيا وبذلك أعطاهم فكرة كيف ستردّ روسيا في المرة القادمة.

ويبدو لي أن الرفض الروسي والصيني لاستخدام الفيتو ضد قرار مجلس الأمن المتعلق بليبيا لم يكن بالصدفة. ولكني أرجح أنّ كلاً من روسيا والصين قررتا ببرودة أعصاب وعن دراية أن يضحّيا بليبيا. وبذلك لم يكن هناك مانع يعطل أو يمنع اعتراف روسيا بحكومة ما بعد القذافي. ولو كان ذلك صحيحاً, فإن هذه التضحية المقصودة تمثّل دليلاً جديداً مُذهلاً, لم يسبق له مثيل, على تخطيطهم الاستراتيجي طويل المدى في السماح للناتو ليتم استدراجه أكثر وأكثر لِمَا سوف يصبح في النهاية مستنقع الشرق الأوسط (مقبرة) لن يجد الناتو منه مهرباً. وربما كانت خطة روسيا هي الانتظار حتى يصبح الناتو في أكثر المواقع العسكرية هشاشة قبل أن تشنّ هجومها. وعندما تشن روسيا هجومها فسوف تكون هذه هي الحرب بين يأجوج ومأجوج التي كان علماء المسيحية واليهودية يصارعون من أجل فهمها والتي لا يُمكن إلا لِعالِم إسلامي أن يفسّرها بدقة.

علمُ آخر الزمان الإسلامي يقدم تفسيراً وافراً عن تصادم العمالقة هذا في آخر الزمان والذي سوف يؤدي إلي تدميرهم جميعاً. والأهم أنه سوف يترك إسرائيل بدون أي دفاع (انظر كتابي “رؤية إسلامية في يأجوج ومأجوج في العالم الحديث”). وأتوقع أن صراعاً نووياً بين العمالقة سوف يحدث خلال الـ 20-30 عاماً القادمة وسيتسبّب في “الدّخان”, وهو أحد علامات الساعة, عندما يحدث.

ولكن قبل حدوث هذا التصادم فإن العالم سوف يشهد الناتو الذي يقوده الصهاينة مستمراً في هوسِه الجشِع بالضغط ما أمكن على باكستان ومصر وإيران .. إلخ, حتي يبتلعهم.
وسوف يعود عيسي (عليه السلام) بكل تأكيد.
بوتين ذكي.
الحق سوف ينتصر. الحق هو الإسلام.

******

ملحوظة: العديد من كتبي عن علم آخر الزمان في الإسلام, المكتوبة كلها باللغة الإنجليزية, قد تمّ ترجمتها بالفعل لعدة لغات ويمكن تحميلها مجاناً من موقعي (www.imranhosein.org). هؤلاء الذين يرغبون في شراء كتبي يمكنهم أن يرسلوا إليّ بخطابات إلكترونية على بريدي الإلكتروني ([email protected]) للحصول على قائمة كاملة للكتب وأسعارها. مكتبتنا الإلكترونية لبيع الكتب سوف تعمل قريباً إن شاء الله. وحتى ذلك الحين فنحن لا يوجد لدينا أيّ مكتبات إلكترونية لبيع الكتب